عادل الأنصاري
قل لي من يمول مؤسستك الإعلامية أقل لك من أنت .. بل ربما يمكن أن يذهب من أراد لأبعد من ذلك فقد يعرف أيضا توجهات مؤسستك ويعرف من تعادي ومن تصالح ويعرف طريقة معالجتك لكل خبر وما ترمي له من وراء كل مقال أو تقرير.
وربما لن يكتفي – من أراد – بكل ذلك بل سيعرف أيضا ما يدور في غرفة أخبارك من تضخيم الصغير وتصغير الكبير وتحقير العظيم وتعظيم الحقير وتجاهل المهم والاهتمام بالمجهول وتزيين القبيح وتقبيح الجميل.
والعكس مع ذلك كله صحيح فقد تستطيع بعد أن تقرأ ما ينشر وتسمع ما يذاع وتشاهد ما يبث أن تدرك من يمول وتتعرف على من يدفع وتتفهم ما يراد أن يقال وما تحرص المؤسسة الإعلامية على عدم قوله ، وذلك كله بقليل من الفحص وكثير من الفطنة.
لكل مؤسسة إعلامية تمويل ولكل وسيلة من يساندها
والحقيقة التي لا مراء فيها ولا جدال حولها أن لكل مؤسسة إعلامية تمويل ولكل وسيلة من يساندها ، وليس هنا موضع العيب ولكن العيب كل العيب يتمثل في أمرين:
– الأول تخفي الممول عن أنظار الجمهور وبطبيعة الحال لا نقصد بذلك من يفعل هذا حسبة لله أو رغبة في مثوبة الآخرة ولكن نقصد من يمول من وراء حجاب ويحرص على ألا يتعرف أحد على أهدافه ومراميه الحقيقية.
– والثاني أن يكون الممول جزءا من منظومة إعلامية تمولها دول لتكون بمثابة القوة الناعمة لها بهدف التحكم في كيانات أو مؤسسات أو صناعة القرار فيها أو التأثير في جمهورها سواء بالتحييد أو تبني ما تريد من أفكار وما تطرحه من توجهات.
العيب كل العيب يقع على من يقع فريسة لهذا النوع من الإعلام
والتوصيف الدقيق لما نطرح من مشكلة لا يقع العيب في غالبه على الدول التي تسعى لتكوين أذرع إعلامية أو تكوين قوة ناعمة ، فلكل وجهة هو موليها ، ولكن العيب كل العيب يقع على من يقع فريسة لهذا النوع من الإعلام طوعا أو كرها.
وهنا نكون قد وصلنا إلى بيت القصيد وبلغنا ذروة المشكلة في مجال الإعلام ووضعنا أيدينا على حقيقة الداء حيث يتوجب على الجميع أن يقف باحثا ودارسا للطريقة المثلى التي تدفع بوجود إعلام مستقل عن المال السياسي الذي تسرف بعض الدول في إنفاقه لصناعة إعلام موجه يحقق أهدافها.