ضحايا فض اعتصام رابعة
تسعى هذه الدراسة التوثيقية للإجابة عن الأسئلة المهمة الخاصة بحدث فض اعتصام رابعة العدوية، وهي المتعلقة بالضحايا، والتي -بحدود علم الباحثين- لم توفر لها إجابات واضحة ووافية جهود التوثيق السابقة، سواء التي صدرت عن جهات رسمية، أو ميدانية، أو حقوقية مستقلة.
لذلك تتفرد هذه الدراسة من حيث معالجتها الأوسع والأعمق لضحايا الحدث، فوثقت الضحايا توثيقا شاملا لا يقف عند مجرد الأرقام، أو الأسماء، لكن عملت على الإحاطة بهم عددا وبيانا وهوية.
كان سؤال الضحايا الأول ةحول توثيق ضحايا فض الاعتصام الذين قتلوا داخل ميدان رابعة العدوية وعلى أطرافه
وقد اتبع الباحثون بهذا المبحث منهجا يقوم على الجمع الشامل لكل ما يتوفر من بيانات من المصادر المختلفة والتي وفرت للدراسة ثمانين قائمة مرجعية لبيانات الضحايا، ثم التحقق الذي يختبر سلامة البيانات وصحة انتساب الضحايا للحدث، ثم دمج البيانات وتنقيحها وصولاً إلى القائمة الموحدة، وخلصت الدراسة في هذا المبحث إلى توثيق عدد 1012 ضحية قُتلوا في ميدان رابعة وعلى أطرافه، ووفرت لهم بيانات تم تصنيفها في حوالي 36 حقل معرفي.
وكان السؤال الثاني للإحصاء طلبا لصورة أكثر وضوحا؛ حول هويات الضحايا من خلال البيانات الديموغرافية التي وفرها التوثيق، وحول طبيعة الإصابات التي أوقعت الضحايا من القتلى ودلالاتها، وخلصت الدراسة في هذا المبحث إلى انتماء الضحايا إلى 25 محافظة من المحافظات المصرية، وأن 67.8% منهم ينتمون لفئة الشباب، وأن مجموع فئات الطلاب الجامعيين، وخريجي الجامعة، والحاصلين على دراسات عليا يساوي حوالي 91% من إجمالي الضحايا، وأن 72.2% منهم متزوجون ومسؤولون عن أسر، وأن عدد الأفراد الذين فقدوا عائلهم بعد الفض حوالي 2300 شخصا، وأن المحيط الأسري للضحايا بعد إضافة عدد الإخوة وآباء
ضحايا فض اعتصام رابعة
الضحايا وأمهاتهم يقدر بنحو 11600 شخص، وسيتسع هذا المحيط ويتضاعف أضعافا كثيرة في إضافة دوائر اجتماعية قريبة من الدرجة الثانية حتى الدرجة الرابعة مثلا هذا غير صداقات العمل والجوار،
وهو ما يبين حجم الضرر المادي والنفسي الذي لحق المجتمع المصري.
كما أوضحت النتائج أيضًا أن الضحايا امتهنوا 139 مهنة مختلفة موزعة بين الفئات العشر بالتصنيف الدولي للمهن
أيضا وكانت النسبة الأكبر من الضحايا من فئة “الاختصاصيين” 52%، ونسبة 4.9% من فئة “المشرعون وكبار الموظفين والمديرون” فكان منهم 6 من مدراء التربية والتعليم، و4من مدراء البناء والإنشاءات، و4 من مدراء البيع والتسويق،
كذلك وثلاثة من مدراء الإدارة والرؤساء التنفيذيون، واثنين من مدراء التعدين،
وواحد من مدراء الخدمات الصحية، ومدير مصنع، وواحد من مدراء خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
أما الإصابات؛ فقد بينت النتائج مقتل 74.3% من الضحايا داخل الميدان و25.7% في محيط الاعتصام،
أيضا وفاة 82.6% من الضحايا يوم الفض ووفاة 12% منهم خلال الثلاث أيام الأولى بعد الفض،
وأن 95.6% قتلوا بالطلق الناري، وأن 40.5% كانت إصابتهم في الرأس، و26.5% كانت إصابتهم بالصدر،
كذلك وأن 39.8% من الضحايا تم قتلهم بأكثر من إصابة واحدة، وأن معدل الإصابات للضحية الواحد هو 1.5، وهو يثبت تعدد الإصابات وإرادة القتل العمد،
وأن 54% من الضحايا صنفت إصابتهم “مميتة”، و46% منهم صنفت إصابتهم “شديدة”.
استقبلت الضحايا في 14 مستشفى حكومي، 3 مستشفى خاص، 1 مستشفى أهلي، 2 مستشفى/مركز ميداني،
كما أن النسبة الأكبر من الضحايا 70.3% تم استقبالهم في المستشفى الميداني،
حيث كان هناك ضعف واضح في قيام المستشفيات الحكومية بالدور المنوط بها في مثل هذا الظرف،
وهو يعزز شهادات العيان الذين قالوا بأن عديد من المستشفيات الحكومية رفضت –بشكل كبير- استقبال الضحايا ذلك اليوم.
ضحايا فض اعتصام رابعة
كانت محافظة القاهرة صاحبة النسبة الأكبر لإصدار وثائق إثبات الوفاة بنسبة 93.8%. أظهرت نتائج الإحصاء الاستدلالي أن استخدام الأسلحة كأداة للقتل كان بشكل متعمد ومنهجي ومدروس،
وأن أداة القتل كانت هي المؤثر
الأهم في كل من:
أـ موضع الإصابات المتمثل في (إصابات الرأس، إصابات البطن، إصابات الجسم، إصابات الصدر، إصابات الأطراف)،
ب ـ تقييم الإصابات المتمثل في (اتجاه الإصابات، شدة الإصابات، عدد الإصابات)،
جـ ـ الإصابات الكلية المتمثل في (موضع الإصابات، تقييم الإصابات)، وأن لدى القائم بالقنص أهداف ومنهجية محددة تظهر في متغيرات الإصابات المذكورة بحيث توقع القتل.
وفي محاولة للكشف أكثر عن هويات الضحايا قدمت الدراسة عينات من سيرتهم وذلك لعدد 13 منهم، باعتبارهم ليسوا مجرد أرقام وإنما صورة إنسانية كاملة، وأن هذه الشخصيات لم تظهر فجأة على مسرح الأحداث، ولم تكن منتمية لفصيل واحد كما سوقت لذلك سلطة الانقلاب. لقد عشقوا جميعًا الحرية والكرامة والعدالة، وسعوا لنيلها ضمن الحراك الشعبي المشروع في ثورة 25 يناير، فكلهم ثائرون بامتياز على الظلم والاستبداد والفساد.
أما السؤال الثالث فكان عن المفقودين ممن كانوا بميدان رابعة أو على أطرافه ومداخله يوم فض الاعتصام،
وهو الموضوع الذي لم يحظ بالاهتمام المستحق في المعالجة البحثية والإعلامية خلال السنوات الماضية،
كذلك عالجت الدراسة الحالية هذا المبحث على قسمين؛
الأول يتناول الجهود السابقة لتوثيق المفقودين من خلال ما أنتجته المؤسسات الحقوقية والإعلامية،
أيضا والثاني يعرض نتائج التوثيق. الإسهام الجديد لهذا المبحث يتمثل في جمع المتناثر وتوليفه والخروج بقائمة موحدة للمفقودين مع تصنيفهم في فئات،
وقد أمكن هذا الجمع من توفير بيانات مفقودين لم تتضمنهم دراسات مهمة كالتي أنجزتها المؤسسات الحقوقية