شرعية إعانة غير المسلمين
إعانة غير المسلمين بين النصوص الشرعية والواقع المعاصر
فإن الإسلام دين يدعو إلى كل خير.. أيضا ويَنهى عن كلِّ شر.. كما يدعو إلى الإحسان إلى الناس كافَّة.. كذلك والتعامل معهم بالحسنى.. على أساس أن الجميع عيال الله وخَلْقه تعالى.. أيضا وأن أحبَّ الخَلْق إلى الله أنفعهم وأجداهم لعياله.. لذا أمر الرب – عز وجل – عبادَه .. أيضا والناس كلهم عباده طوعًا أوكرهًا .. أن يقولوا التي هي أحسن وأطيب.. حيث يقول – عز وجل.. -: ﴿ وَقلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53]،
يريد الربُّ – عز وجل – أن يبيِّن للناس أن الشيطان يتربَّص بهم الدوائرَ، ويتمنَّى أن يَنزَغ بينهم، ويجعلهم عرْضة للخِصام والجدال والسِّباب والقتال، فالقول الحسن – الذي هو أصل التعامل وأساسه – يسبِّب الألفة والمحبَّة، ويعقِب الرحمة والمودة في القلوب والصدور، ويقول – عز وجل -: ﴿ وَقولُوا لِلنَّاسِ حسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 83].
شرعية إعانة غير المسلمين
فلننظر في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قدَّم القولَ الحَسَن للناس على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وندرِك أهميةَ التعامل الحَسَن مع الناس في الإسلام، وفضله على سائر الأحكام الفرائض والواجبات، وعندما ذكر الله تعالى عبادَه الصالحين وما اتَّصفوا به من صفات حسنة وأخلاق طيِّبة، ذكَر في مقدِّمتها وطليعتها: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]،
﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾، يقول ابن كثير – رحمه الله -: إذا سَفِه عليهم الجهَّال بالسيئ، لم يقابِلوهم عليه بمِثله، بل يَعفُون ويصفحون ولا يقولون إلا خيرًا، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تَزيده شدة الجهل عليه إلا حِلمًا، وكما قال – عز وجل -: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [القصص: 55]،
والإسلام لا يفرِّق في التعامل الحَسَن.. أيضا بين المسلم وغير المسلم.. سواء كان مشركًا أو يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مجوسيًّا.. حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمْكم من في السماء.. )) الحديثَ[1] .. تلك وصيَّة من رحمة الله للعالمين بالغة.. كذلك ودعوة منه صارمة، إلى التعامل الحَسَن مع سائر الناس.. كذلك على اختلاف أجناسهم وألوانهم.. واختلاف مذاهبهم وأديانهم، بالرحمة والألفة، والمودة والرأفة،