بقلم د.محمد الأكرادي
وَمَن يَخْرُجْ مِنۢ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
ترجل الفارس عن فرسه
ترجل الفارس الأسطورة وارتقت روحه الطاهرة عنان السماء مُلتحقةً بكوكبة ممن سبقوه من الدعاة الأبرار.. من رفاق الدرب الصالحين المجاهدين والشهداء الأبطال بعد أن أمضى حياة حافلة مُثمرة بالعطاء والتضحية والمآثر الخالدة في خدمة وطنه ودعوته.
فاضت روحه الطاهرة مُهاجراً مظلوماً بعد صراع مع المرض بعيداً عن أهله وأحبابه ووطنه تاركاً رصيداً هائلاً من الحب والاحترام والتقدير في قلوب كل من عرفه وسمع به.
جمعتنا دعوتنا.. جمعتنا شُعبة حي رابع.. جمعتنا حارة البَرَكة.. جمعتنا أعمال الدعوة.. جمعتنا الأخوة والحب في الله.. كانت خير صحبة في الدنيا.. اللهم أرزقنا صحبته في الجنة.
شرف الزمان وشرف المكان وشرف الصحبة وشرف العمل
شرف الزمان
مات في يوم مولده
13/4/1954 – 13/4/2022م
الفترة بين اللحظتين هي الأهم على الإطلاق.. هي صحيفة الأعمال التي خطّها بيده بكامل إرادته فملئها عِلماً وعَملاً وبذلاً وعطاءً..
هناك من يحتفل بيوم مولده في الأرض في بيته بين الأهل والأصدقاء
أما احتفال الدكتور علي فكان في السماء تزفه الملائكة
ولد في 10 شعبان ومات في 12 رمضان
ولد في شهر رفع الأعمال ومات في شهر القرآن.. فنال شرف الزمان في مولده ومماته.
شرف المكان
ولد الدكتور علي الداي في مصر كِنانة الله في أرضه بلد هاجر أم العرب الكنعانيين وأم الذبيح نبي الله إسماعيل عليه السلام ومات في المدينة العظيمة إسطنبول صاحبة البشارة النبوية عاصمة الخلافة العُثمانية.. فنال شرف المكان في مولده ومماته.
شرف الصُحبة .. على الداي
رباه جيل الامتداد فكان من جيل الرواد فجاور جيل الأمجاد
رباه جيل الامتداد للرعيل الأول الإمام المؤسس الحاج إبراهيم سلمو والحاج سعد صيام والوالد الحاج أسعد زهران والحاج سيد نور الدين.
فكان من رموز جيل الرواد الذهبي أحمد البيلي وسعد عِمارة وعادل أبو العنين وسعد اللبان.
واستُشهد بجوار جيل الأمجاد أبي أيوب الأنصاري ومُحمد الفاتح وسُليمان القانوني ونجم الدين إربكان ومُحمد أمين سراج الدين.. فنال شرف الصُحبة الطيبة حياً وميتاً.
من هو الداي؟ ومن هو الدكتور علي الداي؟
الداي هو الصديق المحبوب الساطع المُضئ المُتألق.
أنا أتعب في الدُنيا لأستريح في الآخرة
شرف العمل
إذا سَئلتَ عن الطبيب الماهر فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن المسئول النزيه الأمين الذي لم تتلوث يداه بسرقة ولا رشوة ولا منافع شخصية فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن الفرد المؤسسة رمز العمل الخدمي الاجتماعي الخيري فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن صاحب الأيادي البيضاء كافل الأيتام والأرامل وقضاء حاجات الفقراء والمساكين المُتعففين فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن تيسير الزواج على الشباب فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن السُمعة الطيبة صاحب الشعبية الجارفة الكاسحة الساحقة بلا مُنازع الذي اجتمعت عليه كل قلوب أبناء دمياط من كافة الاتجاهات والتيارات فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن التقي النقي الورع فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن المُتواضع الذي لا يُحب الظهور صاحب الخلق الرفيع والأدب الجم فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سئلت عن الداعية الذي فُتحت له العقول والقلوب والنفوس بالأعمال والأفعال فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن نائب الشعب البرلماني والسياسي الوطني فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن أي باب من أبواب الخير والبذل والعطاء والتضحية فالعنوان هو الدكتور علي الداي..
إذا سَئلتَ عن صدق الولاء ونقاء الانتماء فالعنوان هو الدكتور علي الداي .. فنال شرف العمل الصالح مُمتد الأثر.
أيها الراحل
أيها الراحل دكتور علي كُنت عِطراً يُنعِش أروَاحنا..
أيها الراحل دكتور علي كنت مَطراً يغسِل قُلوبنا..
أيها الراحل دكتور علي كنت بلسماً يُطَهرَ نُفُوسَنا..
أيها الراحل دكتور علي كُنت بركاناً يَهُزَ أعماقنا..
أيها الراحل دكتور علي كُنت زلزالاً يوقظ ضمائرنا..
أيها الراحل دكتور علي كُنت نوراً يضئ طريقنا..
أيها الراحل تركت بصمتك المُميزة قبل سفرك الأخير..
فلنغتنم قبل أن نُغادر..
فلنترك بصمتنا قبل الرحيل..
شئنا أم أبينا ستُطوى الأشرعة ونرفع الرايات البيضاء.. سنترك السفن المُبحرة ونمضي مع الطيور المُهاجرة نذهب بلا عودة إلى رب كريم.
عاش جبيراً فمات أميراً
إذا كانت الوردة قد جفت فإن عَبيرَها العاطر الجميل لم ولن يذهب..
قبل يومين أُسدِل السِتار على الجسد المُنهك لكن القصة لم تنتهي فالأثر باق مُمتد..
من أعماق قلبي
خالص العزاء لأنفسنا.. خالص العزاء لأسرته الصغيرة الكريمة اخوته وزوجته وأبناءه عمار وأنس وخديجة وزينب ومنه ومؤمنة.. خالص العزاء لعائلته الكبيرة اخوانه وأحبابه وزملائه وتلامذته.. خالص العزاء لدمياط الحبيبة ومصر العزيزة.. عظم الله أجرنا وأحسن عزائنا وغفر لميّتنا
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراق أستاذنا ومُعلمنا الدكتور علي الداي لمحزونون ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عنْه وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بالمَاءٍ وَالثَلْجٍ وَالبَرَدٍ وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ.
اللَّهُمَّ َأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ.
اللهمّ عامله بما أنت أهله ولا تعامله بما هو أهله.
اللهمّ اجزه عن الإحسان إحساناً وعن الإساءة عفواً وغفراناً.
اللهمّ إن كان محسناً فزد من حسناته وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته.
اللهمّ أدخله الجنّة من غير حساب ولا سابقة عذاب.
اللهمّ آنسه في وحدته وفي وحشته وفي غربته.
اللهمّ أنزله منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين.
اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسُن أولئك رفيقاً.
اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة ولا تجعله حفرةً من حفر النّار.
اللهمّ املأ قبره بالرّضا والنّور والفسحة والسّرور.
اللهمّ إنّه كان يشهد أنّك لا إله إلّا أنت وأنّ محمّداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به.
اللهمّ إنّا نتوسّل بك إليك ونقسم بك عليك أن ترحمه ولا تعذّبه.
اللهمّ إنّه نَزَل بك وأنت خير منزولٍ به وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غنيٌّ عن عذابه. اللهمّ احمه تحت الأرض واستره يوم العرض ولا تخزه يوم يبعثون “يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم”.
اللهمّ يمّن كتابه ويسّر حسابه وثقّل بالحسنات ميزانه وثبّت على الصّراط أقدامه وأسكنه في أعلى الجنّات بجوار حبيبك ومصطفاك صلّى الله عليه وسلّم.
اللهمّ أمّنه من فزع يوم القيامة ومن هول يوم القيامة واجعل نفسه آمنةً مطمئنّةً ولقّنه حجّته.
اللهمّ شفّع فيه نبيّنا ومصطفاك واحشره تحت لوائه واسقه من يده الشّريفة شربةً هنيئةً لا يظمأ بعدها أبداً.
اللهمّ إنّه صبر على البلاء فلم يجزع فامنحه درجة الصّابرين الذين يوفّون أجورهم بغير حساب. اللهمّ إنّه كان صائماً لك فأدخله الجنّة من باب الريّان.
اللهمّ إنّه كان لكتابك تالياً وسامعاً فشفّع فيه القرآن وارحمه من النّيران.
اللهمّ ارحمه فإنّه كان مسلماً واغفر له فإنّه كان مؤمناً وأدخله الجنّة فإنّه كان بنبيّك مصدّقاً وسامحه فإنّه كان لكتابك مرتّلاً.
اللهمّ لا تحرمنا أجره ولا تفتنّا بعده واغفر لنا وله واجمعنا معه في جنّات النّعيم يا ربّ العالمين.
اللهمّ أنزل على أهله الصّبر والسّلوان وارضهم بقضائك.
اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم إلى يوم الدّين.