دور الأسرة في تنمية الفرد دور كبير ، فالطفل يكتسب سلوكياته من البيئة المحيطة به، والأسرة هي أول بيئة ملاصقة له على مدار ست سنوات، لذلك فالأسرة بمثابة النواة التي يتم غرسها بداخله فتؤثر في سلوكياته وأخلاقياته بشكل كبير وكذلك فهي تشكل منظومة العادات والتقاليد التي يشب الطفل عليها طوال حياته مهما عايش ورأى غيرها في أي مكان آخر.
والطفل منذ نشأته لا يفعل ما يقال له ولا يفعل ما يؤمر به بقدر ما يفعل ما يراه أمامه من أفعال، لذلك فالمحاكاة في السنوات الأولى من حياة أي شخص هي أهم ما يشكل أخلاقياته وسلوكياته طوال حياته، فيظل متشبث بما نشأ عليه مهما رأى وعايش بعد ذلك.
وعلى ذلك فإن دور الأسرة في تنمية الطفل يتضح في بعض النقاط التي سنتناولها فيما يلي:
النقاط التي توضح دور الأسرة في تنمية الطفل:
غرس القيم:
وتعني الفهم والتمييز بين ما هو صواب وما هو خطأ، فنحن كمجتمع لدينا أعراف وقيم، وهي تعمل بالاقتران مع القيم والمعايير الشخصية، فعندما تعامل الناس بأسلوب خاطئ، سيلاحظ الطفل ذلك بالتأكيد، لذلك فإن وظيفة الأسرة هي تعليم الأطفال القيم التي سيستخدمونها لتوجيه حياتهم.
ويتطلب هذا الكثير من العمل بالنسبة للأب والأم لأنه لا يتعين فقط تعليم هذه القيم للأطفال بشكل مباشر، ولكن الأطفال سوف ينظرون للأسرة كنموذج يحتذى به، سيلاحظون ما إذا كان الأب أو الأم يتصرفان بنفس الطريقة المتوقعة منه، حيث يراقبون السلوكيات ويستخدمونها كقياس لمعرفة كيف يتصرفون بأنفسهم.
كذلك يجب مشاركة قيم الاحترام والتعاطف والإنصاف والمسؤولية مع الطفل، فمثلا من الطرق الجيدة لتعليم قيم للطفل ومناقشة أهمية القيم الصحية وغير الصحية، حتى عندما يكون الطفل صغيراً.
حيث إن منح الطفل بعض المسؤوليات، مثل تنظيف الطاولة أو المساعدة في إسعاد قريب أو شقيق عندما يمرض، سيبدأ في تعليمه أهمية هذه القيم، بالإضافة إلى ذلك فإن شرح أهمية القيم سيساعد الطفل على فهم العواقب التي تترتب على عدم الالتزام بها.
تنمية المهارات:
دور الأسرة في تنمية الفرد دور كبير حيث أن الطفل يبدأ في تعلم المهارات الحركية والمهارات اللغوية والمهارات العاطفية بمجرد ولادته، وعلى الأسرة مساعدته في بناء هذه المهارات، من خلال:
المهارات الحركية:
وأيضا يقع على عاتق الأسرة إلى حد كبير مسؤولية تدريس هذه المهارات، سيتعلم الطفل كيفية الجلوس، والمشي، والجري، والتسلق، والإمساك بالملعقة وما إلى ذلك، وهذه تبدو أمور طبيعية جدا بالنسبة للبالغين، لكنها مهارات يجب صقلها في سن مبكرة جدا، كما أنها تعزز استقلال الطفل وهو أمر ضروري لنموه.
المهارات اللغوية:
كذلك تعتبر عنصر أساسي آخر لدور الأسرة في تنمية الطفل، إذا لم تتحدث الأسرة للطفل وتعلمه لغتها، فلن يتعلم أبدا، ولن يكون قادرا على التعبير عن نفسه، ولن يكسر حاجز الخوف من المشاركة والتحدث مع الناس ،لذلك فإن دور الأسرة في تنمية الفرد دور كبير ومهم .
المهارات العاطفية:
و أيضا تعتبر المهارات العاطفية مهمة طوال حياة الطفل بأكملها لأنها تعلمه متى يكون التعاطف مع الآخرين مهماً بالإضافة إلى تعليمه كيفية التعامل مع الأمور السيئة والجيدة التي تأتي في الحياة، إذ يجب بالبداية تعليمه الابتسامة والتلويح عندما يكون طفلا، عندما يكبر قليلا، يكون تعليمه المشاركة ومساعدة الآخرين أمرا مهما للغاية.
التنمية الاجتماعية:
فالأسرة هي المجموعة الاجتماعية الأولى للطفل، وهذا يعني أن الطفل من خلال مراقبة أفراد الأسرة يلاحظ أن العائلات السعيدة هي التي تعامل بعضها البعض بالحب والاحترام وهذا يساعد في إعطاء نظرة إيجابية للعائلة لدى الطفل وتعطيه مثالا إيجابيا للتفاعل الاجتماعي.
كذلك إذا كانت العائلة تقضي وقتا ممتعا من خلال تناول وجبات الطعام معا أو مشاهدة التلفاز معا أو قضاء بعض الوقت في القيام بأشياء أخرى معا، فقد يساعد ذلك في تعزيز التنمية الاجتماعية الصحية لدى الطفل.
وأيضا يساعد التفاعل مع الطفل في التعرف على كيفية التفاعل مع الآخرين، قد يتعلم كيف يشعر بالراحة وتكوين الصداقات، وتكوين العلاقات والحفاظ عليها من عائلته، يتم وضع أسس المهارات الاجتماعية الجيدة في المنزل، والتي قد تساعد الطفل على اكتساب مهارات اجتماعية أفضل ومساعدته على التواصل الاجتماعي بشكل أفضل أثناء نموه.
توفير الشعور بالأمان:
وكذلك فالأسرة توفر شعور الأمان للطفل ليكون قادر على التفاعل بكفاءة سواء في المنزل أو في المجتمع فيستطيع أن يشعر بانتمائه وأهميته؛ فالطفل بطبيعته يشعر بالأمان في البداية بين عائلته حيث يوفرون له الحماية ولذلك عند خروجه وتقديمه للمجتمع مع الأهل سوف يعطي ذلك في الطفل شعور الأمان لمحيطه.
تعليم كيفية بناء العلاقات:
وللأسرة دور في تعليم الطفل كيفية تكوين علاقات مع الأعضاء الآخرين؛ وفي البداية يكون من خلال الأسرة والأقارب فقط وبعد ذلك من خلال الأصدقاء والأفراد الآخرين في المجتمع حيث تكمن أهمية هذه المهارة في تكوين روابط قوية وعلاقات طويلة الأمد تساعده في المجتمع وتكون بمثابة دعامة له.
تعليم تحمل المسؤولية:
وكذلك يقع على عاتق الأهل دور كبير في تعليم المسؤولية للطفل وفهم دوره والأمور التي يجب أن يتحملها؛ حيث أنه يبدأ ذلك منذ الصغر من خلال جعله يتحمل بعض المسؤوليات الصغيرة القادر عليها مثل المساعدة في ترتيب أغراضه الشخصية أو التقاط الأطباق أو مساعدة الأجداد في الأمور التي يستطيع القيام بها فكل ذلك ينعكس على الأطفال وتنشئتهم.
تعزيز شخصية الطفل:
يلعب الأهل دورا مهما في تكوين شخصية الطفل من خلال تعليمهم إجراء التفاعلات وجها لوجه مع الأفراد الآخرين حيث يعمل ذلك على تقوية شخصيته ومهارة الحوار لديه فمن المهم بناء شخصية إيجابية وقوية تكون قادرة على الانخراط مع المجتمع ليتمتع بالقبول وليكون جزءا مهما فيه.
وعلى ذلك فالأسرة بما أنها النواة والمؤسس لسلوكيات الطفل منذ البداية ،وبما أنها هي التي يعول عليها كل ما يفعله الطفل فيما بعد، حتى يصير فردا من أفراد المجتمع، فيجب أن تتحمل الأسرة مسؤولية تنشئة هذا الفرد تنشئة صالحة، حتى يكون فردا صالحا في المجتمع ،ليكون بدوره أسرة صالحة فيصبح المجتمع مجتمعا صالحا كما نسعى ونتمنى .