دعاء علي صدرالدين البيانوني
دعاء الداعية علي صدرالدين البيانوني لفلسطين
مِن هدي وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم التفاعل مع الآيات الكونية، مثل خسوف القمر وكسوف الشمس،
أيضا وحدوث الرعد والبرق والريح، وشدة المطر وقِلته، وقد شرع لنا ما يناسب ذلك من صلاة وأدعية مخصوصة.
وكذلك من هديه وسنته صلوات الله وسلامه عليه القنوت في النوازل العارضة التي تحل بعموم المسلمين في الصلاة،
وذلك كاعتداء الكفار على المسلمين، والدعاء للأسْرى، أو حدوث مجاعات، أو انتشار للأوبئة،
قال النووي: “والصحيح المشهور أنه إذا نزلت نازلة كعدو وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر بالمسلمين ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبات”.
والسيرة النبوية فيها الكثير من المواقف والأحداث الدالة على أن القنوت في الصلاة بسبب النوازل العارضة التي تقع بالمسلمين من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم،
ومن ذلك: إيذاء المستضعفين من المسلمين، ومنعهم من الهجرة: منعت قريش بعضاً من المسلمين المستضعفين عن الهجرة، وحبسوهم وعذبوهم،
وكان من هؤلاء المؤمنين المستضعفين: الوليد بن الوليد، وعياش بن ربيعة، وهشام بن العاص،
ولم يستطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل لهم شيئاً،
فقنت في صلاته يدعو لهم، ويدعو على من عذبهم ومنعهم من الهجرة،
دعاء القنوت عند النوازل
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لما رفَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم رأسَه منَ الركعة قال: «اللهمَّ أنجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشامٍ، وعَيَّاشَ بن أبي رَبيعة،
والمُستَضعَفين بمكة، اللهمَّ اشدُدْ وَطأتَك على مُضَر، اللهمَّ اجعَلْها عليهم سِنينَ كسِني يوسُف» (رواه البخاري).
وفي رواية لمسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه:سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد،
ثم يقول وهو قائم: «اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسِنِّي يوسف».
قال ابن القيم: “وكان هديه صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل خاصة، وترْكَه عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر”،
وقال ابن عثيمين: “القنوت في النوازل مشروع في جميع الصلوات كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم”. ـ
دعاء القنوت في النازلة ليس هو دعاء القنوت في الوتر أو الصبح، وإنما يدعى برفع النازلة بما يناسب الحال،
والأوْلى في دعاء القنوت التزام اللفظ الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم, وإن دُعِيَ بغيره جاز ذلك،
قال النووي: “الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه لا تتعين بها (بهذه الصيغة)، بل يحصل بكل دعاء”،
“واعْلم أن القنوت لا يَتَعَيَّن فيه دعاء على المذهب المختار، فأي دعاء دعا به حصل القنوت..
ولكن الأفضل ما جاءت به السُنَّة”. وقال ابن تيمية: “القنوت يكون عند النوازل،
وأن الدعاء في القنوت ليس شيئاً معيناً، ولا يدعو بما خطر له، بل يدعو من الدعاء المشروع بما يناسب سبب القنوت