خلق الله سبحانه وتعالى البشر من ذكر وأنثى، وجعل لكل منهما خصائصه، وجعل بينهما فروق واضحة، لكي تكتمل جوانب الحياة ، و ليقوم كل منهما بدوره المنوط به فيها ، فالله سبحانه وتعالى كلف البشر بأعظم مهمة في الوجود ألا وهي إعمار هذه الأرض.
وقد ميز الله المرأة عن الرجل بالعاطفة لكي لا تخلو الحياة من هذا الجانب المهم جدا فيها ، والذي لن تستقيم هذه الحياة بدونه .
فما هي العاطفة ؟
العاطفة هي الحالة النفسية التي تؤدي إلى الانفعال التلقائي بالشيء ، وتتجاوب معه ، فالمرأة تتميز عن الرجل بتجاوبها السريع مع المتغيرات التي تحيط بها عبر مخزون العواطف الكامن في نفسها .
فالعاطفة دور كبير في مهام المرأة ، فهي المنوط بها الأمومة والقيام بدورها كزوجة ، وكذلك بجانب هذه الأدوار تقوم بأدوار أخرى كابنة وأخت ومربية ، بجانب مهام وظيفتها إذا كانت تعمل ، ثم القيام بمهام منزلها ومسؤولياته ، وهذه المهام المتنوعة تحتاج لطبيعة تتسم بالحب والحنان والدلال وعطف مع حزم وحياء وصرامة وغضب وشدة أيضا في بعض الأحيان ، فطبيعة المرأة باختلاف وظائفها قد تحتاج إلى استخدام عدد كبير من الصفات المختلفة ، بل والمتضادة في وقت متقارب .
وهذه طبيعة خاصة جدا خلقها الله بها ، ولكنها تجعل من المرأة أمام الرجل هذا الكائن الغريب بالنسبة له ولطباعه ، فيتعجب من تصرفاتها التلقائية وردود أفعالها المباشرة دون صرف الوقت في التفكير العميق ، وكذلك يجعل منها شخصا متقلب المزاج وبدون سابق إنذار.
هل يمكن للمرأة أن تستثمر هذه العاطفة ؟
نعم فالمرأة يمكنها استثمار هذه العاطفة بوضعها في المواضع الصحيحة ، وتوجيهها نحو الخير فتعطف على الفقراء والمساكين ، وتستشعر المحتاجين للعطف و الحنان من العجائز و الضعفاء ؛ فتقوم بدورها تجاههم ، وتبغض العادات والتقاليد التي تتنافى مع الدين فتبتعد عنها ، وأيضا تقوم بدورها في تنشئة أولاد المسلمين مع أولادها .
و المرأة يجب أن تكون على علم بأن العاطفة ليست أمرا مثيرا للشفقة عليها ، ولا سببا لاتهامها بالضعف ، وكذلك عليها الاستفادة منها وترشيدها بالتعقل والتفكر والحكمة ومشاورة أهل الخير؛ حتى يستفيد من هذه العاطفة كل من يحتاجها منها في داخل الإطار الشرعي .
فالمرأة يجب أن تحذر من خروج العاطفة عن إطارها ؛ فتتحول إلى عامل ضرر بالغ الخطورة عليها ، حيث يستفيد من هذه العاطفة من ليس له حق ، فتصبح العاطفة التي هي ذلك الشيء الإنساني النبيل الذي وهِبت إياه قد تحولت إلى نقمة عليها وتجلب لها مالا يحمد عقباه .
وأخيرا لكل من يتعامل مع هذا الكائن الرقيق الحنون:
رفقا بها ، واعلموا كيف تستفيدون من هذه العاطفة الجياشة لديها ، فلا يجب على كل مقترب منها أن يظهر قوته عليها ، بل خذ ما يكفيك من هذا النبع دون أن تشوهه بكثرة اللوم والتأنيب ، وبكثرة الطلبات المرهقة لها ولنفسيتها ، فلا تطلب منها إلا بأطيب الكلمات تجد فوق طلبك أضعافه ، ولا ترفض ما تقدمه لك كزيادة فغدا ستحتاج مثله ولكن صدك له قد جعل النبع يجف مبكرا ، ولا تخرج غضبك من الآخرين فيها فلن تجد بعد ذلك السكن الذي يحتوي ويتسع حتى يشمل كل أحزانك وألمك ، بل أنك إذا لنت ستجد مرتعا خصبا لأحلامك وطموحاتك ؛ فالعاطفة عند المرأة بئر في قرار عميق ، ولكنه قد يبتلع من يحاول أن يشوهه أو يعكره .