الثورة ليست هي الحل فما هو الحل .. إذا فهي ليست الحل الوحيد لإزاحة الإنقلاب وليست هي الحل الأول الذي يبحث عنه الجميع ويتناحرون فيما بينهم لتستمر اتهامات وتخوينات متبادلة بين الأطراف والأفراد، فقط يبحث الجميع عن دور يؤديه ويبذل قصارى جهده فيما يجيده تجاه أمته ووطنه ودينه.
على الأفراد تخطي كل حدود التنظيمات إن كان في حزب سياسي أو جماعة، ويقوم بتفعيل دوره مهما كان صغيرًا، وتستقر في قناعته أنه قد أدى ما عليه تمامًا وهو مرتاح الضمير، وقدم عذرًا أمام الله أنه قد أدى ما عليه تمامًا.
لم تنهض أمة من بعد ثورة، ولم تفلح ثورة في إعادة هيكلة وتأسيس جديد لدولة عصرية ومدنية قوية، جمعت كل نسيج الوطن.
الثورة هي آخر الحلول الممكنة في التغيير وليست أولها على الإطلاق، نجح المسلمون الأوائل بسبب مبادرات فردية أتت من خلف القيادة ومن عمق الصف المسلم، وكانت تلك المبادرات الفردية وبذل الوسع محور ارتكاز كبير في التغيير وصناعة النصر.
لو وقف الجميع عند حاله، لوجدنا أننا تفرغنا تمامًا للكتابة والتنظير وصناعة المشكلات وافتعال الأزمات، وربما يجادل من يجادل في مسائل ليست لديه القدرة على النقاش فيها، فينتقل إلى التجريح والشتم والسب واتهام الآخرين من دون علم أو فقه، وعندما تتبع كتاباته وتقيس مدى قدراته الحقيقية، يتبين لك أن الصمت عن جداله أولى من مناقشته.
من المهم جدًّا خطابات الوعي وتوضيح المفاهيم
وقراءة الأحداث إقليميًّا ودوليًّا قراءة هادئة وواقعية، إلى جانب تلك القراءات والكتابة، لا بد من انطلاق المبادرات الفردية وتفعيلها.
نحتاج الى ظهور جيل جديد ومتحدثين آخرين يعرضون قضية شعب مصر بصورة مختلفة، ويقومون بتفعيل الواقع على الأرض وتحريكه، بدلًا من أن نقع أسرى وجهة نظر أحادية احتكرت الإعلام بصورة كبيرة ومحبطة للغاية.
جيل نقي وطني وشريف لم يتلوث من الأحداث، ولم يتورط في الخيانة والجريمة، ويؤمن بأن أبواب الحلول الممكنة متنوعة تحتاج الى بذل وجهد وتخطيط وعطاء وتضحية، وليست بابا الى الشهرة والظهور، أو للمغنم والمكاسب والمناصب.
الجري وراء الثورة بوصفها هي الحل الوحيد لربما يفقدنا كثيرًا من إمكانياتنا وتتبعثر الجهود هباء وتزداد الخسارة يومًا بعد يوم، نحتاج إلى تغيير في الفكر والاستراتيجيات والخطط المرحلية ذات الأهداف القريبة منها والبعيدة، وأن ننطلق في آفاق التفكير والإبداع بدلًا من التحوصل حول الثورة غير الممكنة حاليًا في ظل الظروف المعقدة داخليًّا وخارجيًّا.
على كل فرد أن يتبنى قضية ويقوم بتفعيلها ويضع لها أهدافًا قريبة وأهدافًا بعيدة، هناك ما يسمى بسياسة طرق الأبواب، وكان بارعًا فيها النائب في البرلمان الإنجليزي، جورج جالاوي، وعلينا استنساخ تجربة ذلك الرجل أيضًا، ولا يستهين أحدنا بقدرته ربما يكون التغيير من حركته الفردية الواعية.
عدم اتفاق النخب السياسية المصرية على صورة معينة
للاتفاق والتلاقي عند نقاط مشتركة، وترك مناطق الخلاف إلى ما بعد إزاحة الانقلاب، وعليه يسود الهدوء العام من جميع النخب السياسية المصرية، وأصبحوا في حالة ترهل وجمود، ولكل قناعته وأفكاره.
الحل الآن في حلحلة الجمود هو انطلاق المبادرات الفردية الواعية والعمل على اتساعها، والعمل على صناعة وجوه جديدة لديها القدرة على العطاء من دون مقابل أو منافع.
على الإعلام أن يتبنى كل المبادرات التي قد تظهر في الأيام القادمة، ولا يكون حكرًا على شخصيات مثيرة للجدل قفزت على واجهة المشهد السياسي المصري من دون فائدة أو نتائج مؤثرة وفاعلة، الثورة هي الحل الأخير بعد تقديم كل الإبداعات واستنفاد كل الطاقات، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملًا.
وماذا بعد إطلاق المبادرات الفردية وتفعيلها؟؟
في اي مرحلة نحن ؟؟
ومتى ينتهى هذا الصراع وتعود الحياة إلى طبيعتها من دون صراع ؟؟
سألت صديقي في أي مرحلة نحن؟ قال في مرحلة بطن الحوت! شد انتباهي وزاد فضولي، وما تقصد بمرحلة بطن الحوت؟ قال ظلمات بعضها فوق بعض سببها الضيق والاستعجال والضجر من تدابير الله، وربما الاعتراض عليها أو لربما اليأس من الخروج منها!
وظن يونس وقتها أن الله لن يضيق عليه، وكاد هذا الشعور من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عندما لم يستطع دخول مكه، وعندما طرده السفهاء من الطائف، وعندما ارتكن إلى جدار بستان يرسل إليه ربه قطفًا من عنب على يد غلام من بلد نبي الله يونس، فكان الارتباط حالًا مع اختلاف الزمان، وتتطابق الحال
فنزلت الآية ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)﴾ [القلم]
قلت له:«يعني إيه ملهاش حل؟»
قال في هدوء: «استدع الخبراء السياسيين ومعهم الاقتصاديين، واطلب منهم جميعًا أن يقدموا الحلول والمبادرات». قلت لقد طفح الكيل من كثرة المبادرات ولا جديد! بل متاهات وخلافات واختلافات ( فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
قال: أتعلم الحل؟« «فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين»
وكانت دعوات رسولنا الكريم، صلي الله عليه وسلم، «إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي. تتمة الدعاء»
والخلاصة عندما تضيق وتشتد وتدخل من ضيق إلى ضيق أشد،
فاعلم أن القادم أفضل وفضل الله كبير «وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون».
وكانت انطلاقة كبرى من رحم المحنة تولدت الدعوة المباركه، وتأسست دولة العدل في المدينة، وانطلقت إلى العالمية.
قلت له: وما المعني الذي تقصده؟
قال: من بطن الحوت ومن الظلمات التي بعضها فوق بعض، ومن حالة هيمنة الباطل واستعلائه،
ومن حالة يأس أهل الحق وانكسارهم يولد نجم جديد.
وذلك فقط بالثقة في وعد الله وتدابيره، والثبات على الحق دون تبديل أو انحراف، ومن حالة التسبيح واستحضار معية أن قوة الله مسيطرة،
وأن ترى موعود الله أوثق مما تراه. من هنا يأتي الفرج.
قلت: هذا هروب من الحقيقه ودغدغة للمشاعر واستدعاء للماضي.
ربما نحتاج إلى شيء من الصبر الجميل والنفس الطويل واستيعاب طبيعة المشهد السياسي العالمي،
وأن هذا الجيل وتلك الحقبة من الزمان ما هي إلا مرحلة غليان كبير واحتدام وصدام بين تصاعد قوى جديدة مختفلة في التوجيهات والرؤية
حول طبيعة العلاقة التي يجب أن تحكم العالم، وتنتهي حقبة الاستعمار، ويحل محلها المساواة والعدل والحرية.
الثورة ليست هي الحل فما هو الحل
إن تجاوز تلك المرحلة يتطلب صبرًا وجهدًا وإعدادًا،
وتغيير مفاهيم جيل كامل، واستعدادًا وإعداد مجموعات قادرة على العطاء والبذل في مقابل بلوغ الهدف الكبير المنشود.
لن ينتهي هذا الصراع سهلًا، وربما يحتاج جهد أجيال متعاقبة في العطاء ومؤمنة بمرحلية التغيير.
عندما صعد الرئيس محمد مرسي إلى حكم مصر، صرح بأن صعوده بداية التغيير الحقيقية والمعركة والمواجهة،
وليس انتصارًا كاملًا يترتب عليه الاطمئنان والراحة، وإنما بداية لبذل الجهد والعطاء ولربما بذل الروح أيضًا.
وكانت كلمات الرئيس محمد مرسي التي لم يفهمها
الكثير ولم يستوعبها حتى أقرب مستشاريه، ولم يكونوا في مستوى إدراك ووعي كافيين يساعدهم على التخطيط لما هو قادم.
قال: وماذا فهمت من كلمات السيد الرئيس محمد مرسي في أواخر خطاباته؟
استمرارية التخطيط، وفهم واستيعاب للمتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية قد تساعدنا في فتح نوافذ للتغيير وانقاذ ما تبقى من بقايا الوطن ومقدراته
والسعي نحو التغيير والحرية والتخلص من الاستبداد والعبودية والقهر والسجن
سيأتي بقرار شعبوي بامتياز،تمهد له يد القدرة،بتغيير خارطة التحالفات الدولية والإقليمية،
لكنه قادم،فقط يحتاح حسن التعامل مع السنن الإلهية في التغيير واسبابه، وعندما تنتهي الأسباب،
«اعلموا أن الأمور تجري بمقادير، وأن الله لا يدبر لنا إلا الخير»؟
قلت نعم عندما يعجز الجميع عن إيجاد حلحلة الأوضاع، فإن الأمور تجري بمقادير وأن الله لا يدبر لنا إلا الخير.
استبشرت واستغفرت وقلت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون